منتدى المواهب الشبابية المسيحية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى المواهب الشبابية المسيحية

موقع مسيحي، شبابي، مواهب، ابداع، جوائز، مسابقات
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 علي سمير ياغي: اصعب دمعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
GAD
المدير العام
GAD


عدد الرسائل : 198
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 28/07/2008

علي سمير ياغي: اصعب دمعة Empty
مُساهمةموضوع: علي سمير ياغي: اصعب دمعة   علي سمير ياغي: اصعب دمعة Icon_minitimeالإثنين أغسطس 11, 2008 11:35 pm

يوم أشرقت شمسه فلم تغب إلا وقد غيَّبت معها نصفي الآخر فبعد صراع طويل ومرير مع المرض إختار الله زوجتي إلى جواره فأراحها من عذابها لتبدأ مسيرة عذابي ومعاناتي بعدها وحيدا ، وتاركة لي فتاة جميلة بعمر الورد لم تتجاوز السنتين من عمرها ، وكانت إبنتي شديدة التعلق كثيرا بوالدتها رحمها الله وكذلك بي ، لكنكم تدركون طبعا بأن الأم التي تكون ربة منزل فقط تقضي يومها كله مع إبنتها فتتعمق جراء ذلك أواصر المحبة والعاطفة بينهما لتصبحا بذلك جسدين بروح واحدة
عند حصول الفاجعة لم تكن إبنتي بعمر يسمح لها أن تعرف ما هو الموت وما هي أسبابه ولم تكن تدرك بأن الأموات لا يرجعون إلى عالمنا ثانية وجلّ ما تعرفه أنها موجودة في بيتها الذي حفظته عن ظهر قلب مع أمها التي لم تفارقها لحظة فيه
قررت أن أرسل إبنتي إلى منزل أهلي لتقضي وقتا وجيزا قبل أن أرجعها إلى البيت ، وفي هذه الفترة العصيبة أنا أيضا لم تحملني أعصابي إلى دخول منزلي ، فكنت مكتفيا فقط بالنظر إلى نوافذ منزلي من الخارج عند ذهابي إلى عملي في الصباح ولدى عودتي بعد الظهر
وطبعا لا تسألوني عن شعوري حينما كنت أنظر إلى تلك النوافذ التي ولطالما كانت المرحومة تنتظرني فيها .
بعد مرور الشهر تقريبا قررت أن أعود مع إبنتي إلى منزلنا ويا لها من عودة لكلينا فما أن صعدت الدرج المؤدي إلى منزلي حتى صاحت إبنتي بأعلى صوتها "ماما ماما " وركضت بإتجاه باب المدخل الرئيسي لتبدأ بيديها الصغيرتين الناعمتين تدق عليه منادية "ماما ماما"
تمالكت نفسي وفتحت الباب فجرت من بين رجلي لتشق طريقها إلى الداخل وكان الصالون هو الغرفة الرئيسية في المنزل بعد باب المدخل،
وبدأت رحلتها القصيرة جدا بالنداء بأعلى صوتها والفرحة تغمر وجهها وبياض أسنانها يلمع مع ضحكة أطلقتها وهي فرحة بعودتها إلى منزلها الذي ولطالما كانت تطلب مني الحضور إليه بفرحة أيضا للقاء الأحباب أي أمها ، فلم تجدها في الصالون ، وأنا هنا كنت واقفا حيرانا أين هي صاحبة وربة هذا المنزل الجميل الذي لم يعد له أي بهجة ودفىء بعدما فقد ركنا من أركانه الأساسية ، فو أسفاه على نفسي وعلى طفلتي المسكينة اليتيمة التي توجهت إلى غرفت نوم أمها وهي تناشدها "ماما ماما " فلم تجدها فيها فألقت بنفسها على الأرض لعلها تجد والدتها مختبئة تحت السرير كعادتها عندما كانت تلاعبها فلم تجدها ، ففتحت
الخزانة المخصصة للثياب فلم تجدها فتوجهت مسرعة إلى المطبخ لتصرخ ثانية "ماما ماما " لكنها بدأت تفقد صبرها وأنا أراها بلهفتها الكبيرة ترمقني تارة وهي تصرخ لأمها وتارة أخرى للبحث بعينيها السوداوين الكبيرتين المتلألأتين من الفرحة التي لا تستطيع هي أن تعبر عنها إلا بدمعة متجمدة في حدقتها فتركض إلى الحمَّام نادهة
"ماما ماما " فلم تجدها ولم يبقى في المنزل إلا غرفة الجلوس والشرفة التي تليها فهرولت مسرعة لتتعثر في حذائها الصغير الذي انتزع من رجلها من كثرة ركضها فتقف لتصلب طولها قبل أن أوقفها وتصل إلى
غرفة الجلوس الذي أنهكها منظرها وأمها ليست موجودة فيها ولا بأي
ركن من أركانها ورنت إليّا بنظرة ، تلك النظرة التي لم ولن أعرف سرها حتى يومي هذا ، إلا أنها فتحت باب الشرفة والذي لم يكن مقفلا تماما وكانت تلك النظرة الأخيرة في المنزل ، فتسمرتُ في مكاني وتشوش تفكيري وسمعت دقات قلبي بأذني حتى شعرت أنه سيخرج من بين ضلوعي فلهجت أنفاسي في صدري وتشنجت أعصابي وارتجفت يدي وانحنى ظهري وربط لساني وخف سمعي وقلت حيلتي عندما رأيت منظر إبنتي وهي قد أجهشت بالبكاء عاليا صارخة بأعلى صوتها صوت لم أسمعه من قبل وخاصة من طفلة بمثل عمرها "ماما ماما ماما " إلتفتت إليَّ لتسألني بعيونها التي لم أعد أميز لونها وبصوتها الذي خنقته عبرتها وبشفتيها التي مال لونها إلى البياض بعدما هرب الدم منها وبيديها التين فتحتهما وكأنها تتوسل الله وتتوسلني ، وتعود لتسألني بفكرها الحائر وشعرها الذي نبشته بكلتي يدبها ، ألف سؤال وسؤال لم أكن أعرف عما كانت تعبر أو ما هي كلماتها إلا أنني إستفقت على نفسي وأنا أغرق قميصي بدموعي التي سالت من عيوني وكأنني صنم حي لم أمت ، إلا أنني صرخت بأعلى صوتي أين أنت يا رفيقة دربي وأم إبنتي وحبيبتي ومالكة فؤادي كيف تجرأت وتركتنا ومن أحذك عنا ومن أبعدك عن حياتنا ، فعدت بالنظر إلى طفلتي لأرى في عينيها كل معاني الذل والإنكسار والإستسلام لقدر فرض عليها ولم تعرف كنهه ودمعة قد تجمدت فيهما سأذكرها طالما أنا حي وفي جسدي رمق ، دمعة لم أعرف معناها الحقيقي ولم أعرف دلالاتها ولا أسئلتها فسأعترف قائلا إنها أصعب وأحر دمعة رأيتها في حياتي إنها دمعة إبنتي
علي سمير ياغي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://shbab.forumotions.net
 
علي سمير ياغي: اصعب دمعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المواهب الشبابية المسيحية :: الإبداعات الشخصية :: القصة القصيرة والراوية-
انتقل الى: